الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.الفوائد: كان من حق القارئ علينا، أن نقدم له نبذة عن حياة إبراهيم، إلا أننا أرجأنا ذلك إلى مقام آخر، وآثرنا أن نقدم له صورة عن طريقة إبراهيم في النصح والإرشاد وقد لفتت هذه الآيات أنظار الكثير من المفسرين، لما فيها من حسن الأسلوب والتدرج في النصح، والتلطف مع الوالد، والآداب الجمة في الحجاج. وبين أيدينا نصوص لكبار المفسرين، حول ما تضمنته هذه الآيات، من طرائق لعرض الأفكار، وبلاغة الأسلوب وقد آثرنا أن نختار أجودها، ونقدمها للقارى ء، شاهدا على ما نحن بصدده وتقريره يقول الزمخشري كلاما طويلا، حبذا لو تملّاه القارئ واستوعبه: انظر حين أراد أن ينصح أباه ويعظه فيما كان متورطا فيه من الخطأ العظيم، والارتكاب الشنيع الذي عصى فيه أمر العقلاء، وانسلخ عن قضية التمييز، ومن الغباوة التي ليس بعدها غباوة، كيف رتّب الكلام معه في أحسن اتساق، وساقه أرشق مساق مع استعمال المجاملة واللطف والرفق واللين، والأدب الجميل، والخلق الحسن، منتصحا في ذلك بنصيحة ربّه عزّ وعلا. وذلك أنه طلب منه أولا العلّة في خطئه طلب منبّه على تماديه، موقظ لإفراطه وتناهيه، لأن المعبود لو كان حيّا مميزا سميعا بصيرا مقتدرا على الثواب والعقاب، نافعا ضارا، إلا أنه بعض الخلق، لاستخف عقل من أهله للعبادة ووصفه بالربوبية، ولسجل عليه بالغي المبين والظلم العظيم، وإن كان أشرف الخلق وأعلاهم منزلة، فما ظنك بمن وجّه عبادته إلى جماد، ليس به حس ولا شعور، فلا يسمع يا عابده ذكرك له، وثناءك عليه، ولا يرى هيئات خضوعك وخشوعك، فضلا أن يغني عنك، بأن تستدفعه بلاء فيدفعه، أو تسنح لك حاجة فيكفيكها...! ثم ثنّى بدعوته إلى الحق، مترفقا به متلطفا، فلم يسمّ إياه بالجهل المفرط، ولا نفسه بالعلم الفائق، ولكنه قال: إن معي طائفة من العلم وشيئا منه ليس معك، وذلك علم الدلالة على الطريق السوي، فلا تستنكف، وهب أني وإياك في مسير، وعندي معرفة بالهداية دونك، فاتبعني أنجك من أن تضل وتتيه..! ثم ثلث بتثبيطه ونهيه عما كان عليه، بأن الشيطان الذي استعصى على ربك الرحمن، الذي جميع ما عندك من النعم من عنده، هو عدوك الذي لا يريد بك إلا كل هلاك وخزي ونكال، وعدو أبيك آدم وأبناء جنسك كلهم وهو الذي ورطك في هذه الضلالة وأمرك بها وزينها لك فأنت أن حققت النظر عابد الشيطان..! إلا أن إبراهيم عليه السلام، لإمعانه في الإخلاص، ولارتقاء همته في الربانية، لم يذكر من جنايتي الشيطان إلا التي تختص منها برب العزة، من عصيانه واستكباره، ولم يلتفت إلى ذكر معاداته لآدم وذريته. كأن النظر في عظم ما ارتكب من ذلك غمر فكره، وأطبق على ذهنه. ثم ربّع بتخويفه سوء العاقبة، وبما يجره ما هو فيه من التبعة والوبال، ولم يخل ذلك من حسن الأدب، حيث لم يصرح بأن العقاب لاحق له، وأن العذاب لاصق به، ولكنه قال: أخاف أن يمسّك عذاب، فذكر الخوف والمسّ، وذكر العذاب، وجعل ولاية الشيطان ودخوله في جملة أشياعه وأوليائه أكبر من العذاب، وذلك أن رضوان اللّه أكبر من الثواب نفسه، وسماه اللّه تعالى المشهود له بالفوز العظيم، فكذلك ولاية الشيطان التي هي معارضة رضوان اللّه من العذاب نفسه وأعظم. وصدّر كل نصيحة من النصائح الأربع بقوله: {يا أَبَتِ} توسّلا إليه واستعطافا.. أقبل عليه الشيخ بفظاظة الكفر وغلظ العناد، فناداه باسمه، ولم يقابل قوله: {يا أَبَتِ} بقوله (يا بني)، وقدم الخبر على المبتدأ في قوله: {أَراغِبٌ أَنْتَ} لأنه كان أهم عنده، وفيه ضرب من التعجب والإنكار لرغبة إبراهيم من آلهته. انتهى كلام الزمخشري، في هذا الفصل من قصة إبراهيم مع أبيه، وقصة تحطيم أصنام القوم وقصة إلقائه في النار، وقصة نجاته منها، حيث جعلها اللّه عليه بردا وسلاما. ويلي ذلك نزوحه عن بلاده في شرق العراق، وهجرته في سبيل دينه إلى أرض كنعان في فلسطين. 2- يا أَبَتِ: نعود للحديث عن حذف ياء المتكلم في بعض الحالات، ونخص بالحديث هنا (يا أبت ويا أمت). في ياء المتكلم في النداء لغات، أما التاء في (يا أبت ويا أمت) ففيها قولان: أحدهما أن هذه التاء هي تاء التأنيث، مثلها مثل التاء في خالة وعمة، وهذا رأي سيبويه والخليل بن أحمد. وثانيهما أن هذه التاء عوضا عن ياء المتكلم المحذوفة. فالأصل: يا أبي ويا أمي، فحذفت الياء لدلالة الكسرة عليها، ثم عوّض عن الياء بهذه التاء، ولذلك فلا نقول: يا أبتي ويا أمتي، لئلا نجمع بين العوض والمعوض. ورغم أن الرأي الأولى لاثنين من أساطين النحو واللغة، فإني أرتاح للرأي الثاني وأرجحه على الأول، أما أنت أيها القارئ فاختر منهما ما يرجح لديك ويتحكم فيه ذوقك ورأيك. والله الموفق. . [سورة مريم: آية 46]. .الإعراب: جملة: {قال} لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: {أراغب أنت} في محلّ نصب مقول القول. وجملة: النداء {يا إبراهيم} لا محلّ لها اعتراضيّة. وجملة: {لم تنته} لا محلّ لها استئناف في حيّز القول. وجملة: {أرجمنّك} لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم. وجملة: {اهجرني} لا محلّ لها معطوفة على جملة مقدّرة مسبّبة عن قوله لأرجمنّك.. أي فاحذرني واهجرني مليّا. .الصرف: . [سورة مريم: الآيات 47- 48]. .الإعراب: جملة: {قال} لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: {سلام عليك} في محلّ نصب مقول القول. وجملة: {سأستغفر} لا محلّ لها استئناف في حيّز القول. وجملة: {إنّه كان} لا محلّ لها تعليليّة. وجملة: {كان بي حفيّا} في محلّ رفع خبر إنّ. 48- الواو عاطفة في المواضع الثلاثة ما اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب معطوف على الضمير المخاطب في (أعتزلكم)، (من دون) متعلّق بحال من العائد المحذوف أي ما تدعونه معبودا من دون اللّه (عسى) فعل ماض تامّ فاعله المصدر المؤوّل (ألّا أكون..) في محلّ رفع، (بدعاء) متعلّق ب (شقيّا) وهو خبر أكون منصوب. وجملة: {أعتزلكم} لا محلّ لها معطوفة على جملة سأستغفر.. وجملة: {تدعون} لا محلّ لها صلة الموصول ما . وجملة: {أدعو} لا محلّ لها معطوفة على جملة أعتزلكم.. وجملة: {عسى ألّا أكون} لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: {أكون} لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ أن . . [سورة مريم: الآيات 49- 50]. .الإعراب: جملة: {اعتزلهم} في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: {يعبدون} لا محلّ لها صلة الموصول ما . وجملة: {وهبنا} لا محلّ لها جواب شرط غير جازم. وجملة: {جعلنا} في محلّ نصب حال بتقدير قد. 50- الواو عاطفة (لهم) متعلّق ب (وهبنا)، (من رحمتنا) متعلّق ب (وهبنا)، (لهم) الثاني متعلّق بمحذوف مفعول به ثان عامله جعلنا (لسان) مفعول به منصوب (عليّا) نعت للسان منصوب. وجملة: {وهبنا لهم} لا محلّ لها معطوفة على جملة {وهبنا له}. وجملة: {جعلنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة {وهبنا لهم}. .البلاغة: في قوله تعالى: {وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا}. علاقته السببية، كاليد في العطية، ولسان العرب لغتهم. ويطلق على الرسالة الرائعة كما في قول الأعشى الباهلي: 2- الكناية في قوله تعالى: {وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} كنّى عن الذكر الحسن والثناء الجميل باللسان، لأن الثناء يكون باللسان، فلذلك قال: {لِسانَ صِدْقٍ} كما يكنى عن العطاء باليد. . [سورة مريم: الآيات 51- 53]. .الإعراب: جملة: {اذكر} لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: {إنّه كان مخلصا} لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: {كان مخلصا} في محلّ رفع خبر إنّ. وجملة: {كان رسولا} في محلّ رفع معطوفة على جملة كان مخلصا. 52- الواو عاطفة (من جانب) متعلّق ب (ناديناه)، (نجيّا) حال منصوبة من الضمير المنصوب في (قرّبناه). وجملة: {ناديناه} لا محلّ لها معطوفة على جملة {إنّه كان مخلصا}. وجملة: {قرّبناه} لا محلّ لها معطوفة على جملة {ناديناه}. 53- الواو عاطفة (وهبنا.. رحمتنا) مرّ إعراب نظيرها، (أخاه) مفعول به أوّل عامله وهبنا، منصوب وعلامة النصب الألف (هارون) عطف بيان- أو بدل من أخاه- منصوب، ومنع من التنوين للعلميّة والعجمة (نبيّا) حال منصوبة من (أخاه). وجملة: {وهبنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة {قرّبناه}. . [سورة مريم: الآيات 54- 55]. .الإعراب: جملة: {اذكر} لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: {إنّه كان صادق} لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: {كان صادق} في محلّ رفع خبر إنّ. وجملة: {كان رسولا} في محلّ رفع معطوفة على جملة {كان صادق}. 55- الواو عاطفة (بالصلاة) متعلّق ب (يأمر)، (عند) ظرف منصوب متعلّق ب (مرضيّا) وهو خبر كان منصوب. وجملة: {كان يأمر} في محلّ رفع معطوفة على جملة {كان صادق}.. وجملة: {يأمر} في محلّ نصب خبر كان. وجملة: {كان} {مرضيّا} في محلّ رفع معطوفة على جملة {كان صادق}. .الصرف:
|